السبت، 19 أكتوبر 2013

خوفو و الهرم الاكبر





محمود رزق
باحث فى الاثار المصرية


مقدمــة

لقد جذبت الأهرام المصرية نظر السائحين الرحالة منذ ق 16م و جعلتهم يبحثون فى مجال المصريات مرة أخرى حتى توصلوا إلى حل رموز اللغة المصرية القديمة و كشفوا الكثير من أسرارها. 
و يعود التفكير فى ذلك الأمر إلى إندهاش السياح بالأثار المصرية لاسيما الهرم الأكبر عجيبة العجائب ذو الإرتفاع الشاهق الذى يشعر من يقف أمامه بعظمة أجدادانا الفراعنة و عظمة هؤلاء الذين برعوا فى الهندسة و الحساب و الفلك و علم المساحة و توصلوا إلى كثير من أسرار الكون و لازالت لهم أسرار غامضة لا نقدر على اكتشافها و يعد الهرم الأكبر خير دليل على ذلك حيث يعود سبب بناءه إلى فكرة دينية فى ذهن المصرى القديم جعلته يجمع فيه ما توصل إليه من العلوم التى ذكرناها ليجعله آية تشهد على حضارته أبد الدهر و يعود سبب إختيارى لهذا الصرح الخالد الى ما أثير حوله من جدل و إدعاءات من اليهود مثل كونهم أنهم من شيدوه و أنه أسفل الهرم توجد مزامير داوود و غير ذلك من تخاريف نشرت فى المدونات و الكتب و عبر الصحافة و الأنترنت أرادوا بها تخريب الحضارة المصرية و نسب تاريخ أجدادنا العظماء اليهم0




الفصل الأول


الملك خوفو


هو ثاني ملوك الأسرة الرابعة من عصر بناة الأهرام، حكم مصر حوالي 2600ق.م و استمر
حكمه 23 سنة نسبة لما ورد في بردية تورين.
وهو ابن الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة وصاحب هرمي دهشور وأول ملك يرسل أسطولا
بحريا إلى فينيقيا (ساحل لبنان) لإحضار خشب الأرز لاستعماله في صناعة المراكب والأثاث
والتوابيت الخشبية ومازالت بقايا تلك الأخشاب متواجدة حتى الآن داخل هرم سنفرو.(1)


الملك سنفرو 

أما عن أم الملك خوفو فهي الملكة حتب حرس زوجة سنفرو وابنة الملك حوني أخر ملوك الأسرة
الثالثة يعتقد أنها دفنت علي مقربة من هرمي سنفرو في دهشور، ولكن يظهر أن اللصوص
استطاعوا الوصول إلى قبرها في أيام حكم ابنها ، مما دعي الملك خوفو يقوم بنقل جثمانها
ومحتويات مقبرتها من دهشور إلى الجيزة لإعادة دفنها مرة أخري في بئر
عمقه 30م تحت سطح الأرض خوفا من أن تنال أيدي اللصوص باقي محتويات المقبرة
وقد عثر علي قبرها في الناحية الشرقية لهرم خوفو وعثر علي الأثاث الجنائزي ومحتويات
المقبرة فيما عدا مومياء الملكة وحليها ، وهى في غاية الروعة آذ أنها تحتوى علي تابوت
من المرمر وحلي واوان من الذهب ، وسرير ، وإبريق جميل من الذهب الخالص ،
ومجموعة سكاكين من الذهب الخالص أيضا وكذلك صندوق صغير من المرمر استعمل
لحفظ أدوات الزينة ،وهى أوان من العطور وبكرات من البخور ومادة الكحل ، علي انه
من أروع ما عثر عليه صندوق من الخشب مطعم بالذهب ، عليه كتابة بالخط الهيروغليفي
تقول :
الابنة الملكية – الزوجة الملكية – الأم الملكية التي أذا طلبت شيئا نفذ لها حالا. 

وتزوج خوفو أكثر من واحدة وكان له أبناء كثيرون .(2) ، تزوج من أخته مريت ايتس 
فكانت زوجته الرئيسية وقد وجد اسمها منقوشا على حجر في مزار قبر الأمير كا وعب
ويعتقد أنها دفنت في الهرم الصغير الواقع أقصي الشمال من الثلاثة أهرام الموجودة 
إلي الشرق من هرم خوفو. ولكن لم يعثر علي أي اسم لها هناك ، كما أنها كرمت في عهد
خع أف رع رغم ما يرجح من أنها ليست أمه.(3)
وقد أنجب خوفو الكثير من الأبناء أكبرهم كا وعب الذي يبدو انه مات في عهد أبيه ،
ومن أبناء خوفو أيضا حور ددف ، و رع ددف ، و خع أف رع.(4)

مع بداية الأسرة الرابعة أصبحت الأسماء الملكية توضع في خراطيش ، فعندما ارتقى خوفو
العرش كان اسم التتويج هو خنمو خو أف وي 
ويبدو هذا الاسم من حيث الشكل وكأنه وحدة واحدة لكنه في الواقع يتكون من الفعل خوي
الذي يعنى يحمى والضمير المتصل(5) f والضمير المتعلق(6) wi بدون حرف i وذلك
يكون معنى الاسم هو يحميني وهنا تشير للإله خنوم الذي لم يرد صراحة في الخرطوش
إذن فالصورة الكاملة لاسم هذا الملك تعنى الإله خنوم يحميني.(7)


و أطلق علي نفسه لقبا صعبا بعد اعتلاءه العرش لقبا صعبت قراءته قراءة سليمة حتى الآن
ويحتمل قراءته حور مجرو والذي قد يعنى حور سديد المرمي أو حور الحصين وانتسب
بنفس الكلمة مجرو أو جرو إلى الربتين نخبت آلهة الصعيد و وادجيت آلهة الدلتا بمعنى
المهتدي بهما أو ما يشبه ذلك من صفات طيبة. ولقبه رجال بلاطه بلقب أخر يحتمل قراءته 
((حور نب رخو)) أي الملك الحوري رب المعرفة ، أو (حورى نب رخو) بمعني رب 
العلماء المنتسب إلي الصقرين حور وست ، أو (حوري نب رخيتيو) بمعنى رب الشعب
المنتسب إلي الصقرين ، وأيا ما صح من هذه القراءات فإنها تدل من غير شك على
رغبة أصحابها من وصف ملكهم بصفة طيبة يحبونها فيه.(8) كما اسماه الإغريق كيوبس 
و سوفيس.(9)

وقد عثر علي اسمه منقوشا علي محاجر في الصحراء الغربية شمال شرق أبو سنبل وشمال
غرب توشكا علي مقربة من طريق القوافل الذي يربط أسوان بدرب الأربعين حيث قطعوا
من المحاجر حجر الديوريت. وظهر اسمه على أثار معبد في جبيل يعتقد انه من شيده وظهر 
مع اسمه بعض فراعنة الدولة القديمة ممن جاءوا قبله أو بعده علي العرش.
وحصل على الخرطوش الذي يحمل اسمه خنوم خو أف وي في محاجر متعددة ومقابر 
أقربائه ونبلاءه وكذلك في عدد من كتابات العصر المتأخر.
كما عثر علي اسمه مكتوبا علي بقايا عدة أوان في معبد حور في نخن كما عثر ماريت علي
تمثال صغير يصوره جالسا في معبد خنتى أمنتيو في أبيدوس وهو محفوظ حاليا في متحف
القاهرة ولا يتعدى طوله بضعة سنتيمترات ومثله جالسا على كرسي العرش متوجا
بالتاج الأحمر، هذا وقد ذهب بعض المؤرخين إلى أن خوفو ليس منفي الأصل وإنما من بني
حسن في المنيا مقر عبادة الإله خنوم، و من ثم فقد سمى المصريون هذه الناحية منعت خوفو
أي مرضعة خوفو أو مربية خوفو ،وهناك عدة افتراضات منها أن منعت خوفو قد تكون مسقط
رأسه أو أن مرضعة خوفو من بني حسن.(10)

تمثال الملك خوفو 

عندما جاء الكتاب الكلاسيكيين إلي مصر من اليونان نقلوا لنا العديد من الروايات عن عهد
خوفو دائما ما تصفه بأنه كان ظالما عتيا استعبد الأمة ومنها ما نقله عنه هيرودوت أبو التاريخ
إذ يقول في كتابه عن مصر: (قال الكهنة ،ظلت مصر تحكم حكما صالحا حتى عصر 
رامبسينيتوس (رع مس سو) وازدهرت في أيامه ازدهارا عظيما ولكن ارتقى العرش بعده خوفو 
الذي انغمس في كل صنوف الشرور،فأغلق المعابد وحرم علي المصريين تقديم القرابين للإلهة ، 
وأجبرهم بدلا من هذا علي أن يعملوا جميعا في خدمته).
كما ذكر أيضا (انه حكم خمسون عام ثم خلفه علي العرش أخيه خع أف رع) ،وذكر أن المصريين
لم يذكروه بخير هو وأخيه خع أف رع بينما أحبوا من كاو رع لأنه استنكر مسلكهما.(11)

وللنظر إلى كتابات هؤلاء ومن بينهم هيرودوت بموضوعية سنجد أنهم متعصبين لحضارة بلادهم
ومحاولة إظهارها أفضل من الحضارات الأخرى، كما أنهم ليسوا على معرفة باللغة المصرية
القديمة لأنهم جاءوا إلي مصر بعد انتهاء العصور الفرعونية بفترة كبيرة، كما أن كثير مما نقل
روايات وأساطير نقلت عن عامة الشعب، ولو كان هيرودوت كما يذكر قد نقل ذلك عن كهنة
منف لعلم أن عهد خوفو قبل عهد الملك رع مس سو الثاني (12) وان خوفو حكم 23 سنة لا أكثر
وان خع أف رع ابن خوفو ووالد من كاو رع وليس كما ذكر.

ويفسر بعض المؤرخين إن ما ذكره هيرودوت ما هو إلا تفسير خاطئ لبعض الروايات المصرية
القديمة التي تحدثت عن الأوضاع التي خضعت لها مقاصير القربان في المصاطب في عهد خوفو
وولده خع أف رع فقد حرم خوفو علي أصحاب هذه المقاصير أن يضعوا لأنفسهم فيها تماثيل
مكشوفة أو يقيموا فيها أبوابا وهمية يكتبون عليها نصوصهم ويقدموا أمامها قرابينهم وأضاحيهم
على نحو ما اعتادوا عليه في عهد أبيه سنفرو .

وربما أقدم خوفو علي هذه الخطوة لرغبته في أن يجعل أقامة التماثيل والأبواب الوهمية في 
المقابر حقا لأسرته وحدها وبعض المقربين إليه، أو ربما لرغبته في أن يجعل تقديم القرابين 
والأضاحي أمام التماثيل حقا لتماثيل الأرباب و الفراعنة دون سواهم.
ومما قد يشير إلي محافظة خوفو علي معابد الأرباب، العثور علي بقايا عدة أوان له في 
معبد حور في نخن، وتمثال له في معبد خنتى أمنتيو في أبيدوس وان احد أحفاده تسمى
خوفو مري نثرو أي خوفو محبوب الآلهة وفي هذا ما يشير إلى أن أهل عصره يعتبرونه
محبوبا من أربابهم وليس مكروها منهم.(13)
وإذا كان لادعاءات أولئك الكتاب أي نصيب من الحقيقة لاستحال الاستمرار في حفظ الطقوس
الدينية الخاصة بالملك خوفو قرونا كثيرة، فلدينا من العصر البطلمي، أي أكثر من ألفي سنة بعد
موته، أثار تشير إلي استمرار كهنة خوفو حتى ذلك العهد.

في العصور التالية كان اسم خوفو تميمة قوية لمن يحملها، ونري هذا الاسم مذكور علي جعارين
كثيرة كان يحملها المصريون القدماء كتمائم تحميهم، وقد ارتبط اسمه بكثير من الأساطير، وأشهر
تلك الأساطير ما تقصه علينا بردية وستكار، عن الأعاجيب التي استطاع بعض السحرة القدماء
عملها، و كذلك بعض الحكماء الذين كان في استطاعتهم الأنباء بما سيحدث في المستقبل كما
رواها أبناء الملك خوفو لأبيهم، وأولي القصص حدثت في عهد زوسر والثانية يقصها الأمير
خع أف رع عن أشياء حدثت في عهد الملك نب كا والثالثة يقصها الأمير باوو أف رع عن أشياء
حدثت في عهد الملك سنفرو إما القصة الرابعة والأخيرة رواها حور ددف حدثت وقائعها
في عهد خوفو نفسه وقد تنبأ فيها الساحر بانتهاء أسرة خوفو.(14)

وفيما يتعلق بسياسته الخارجية فهناك ما يشير إلي ازدهار التجارة بين مصر وفينيقيا على أيام
خوفو ويلاحظ انه شيد في جبيل بلبنان معبد مصري، أضاف إليه من جاء بعده كما نشهد ذلك
في أحجار هذا المعبد، التي تحمل اسم خوفو بل وأسماء من سبقوه علي العرش . وممن لحقوا
به من فراعين الدولة القديمة ولا يوجد ما يشير إلى الصورة الأولى التي نشا عليها هذا المعبد
فقد يكون معبد أموري الأصل، أراد الملوك المصريين أن يجاملوا أصحابه وأهدوهم هدايا
قيمة تحمل أسماءهم ولم يمنعهم دينهم المصري من أن يتسامحوا مع معبودات جيرانهم
ويعملوا علي إثراء معابدها وقد يكون معبد مصري الأصل شيدته جالية مصرية تجارية أقامت
في جبيل، وعكفت علي عبادة أربابها المصريين وسجلت أسماء ملوكها علي مقتنياته.
أو معبدا مصريا أقامه أمراء جبيل أنفسهم مجاملة للمصريين وتقبلوا فيه بعض العقائد المصرية
كما تقبلوا له هدايا الفراعنة المصريين.(15)
ومن ناحية الجنوب فيلاحظ إن خوفو قد استعمل محاجر الديوريت التي تقع إلي الشمال الغربي
من توشكي ،أما من ناحية الغرب فلا تشير الأدلة النصية والأثرية إلي قيامه بحملات عسكرية 
في هذه الناحية.(16)




الفصل الثاني

الهرم الأكبر

عندما بدأ كتاب اليونان يتحدثون عن عجائب الدنيا السبع منذ القرن 2 ق.م ظل الهرم أعجوبة
العجائب حتى وان حدث تغير علي ممر العصور وهاهي ذي حسب أهميتها كما ذكرها المؤرخ
البيزنطي فيلو: 
1-أهرام مصر. 2-حدائق سميراميس في بابل.
3- تمثال الإله زيوس في أوليمبيا. 4-معبد الإلهة أرتيمس في أفسوس.
5-ضريح هاليكارناس. 6-تمثال رودس.
7-منارة الإسكندرية.(17)

استفاد خوفو من خبرات رجال أبيه وجهود عهده حيث خطت البلاد في عهد خوفو خطوات أكثر
مما وصلت إليه أيام سنفرو أسند الملك خوفو بناء الهرم الأكبر إلي ابن عمه ومدير أشغاله 
حم إيونو.(18)
المهندس حم ايونو
مشيد الهرم الأكبر

سمى الهرم الأكبر خع خواف وي أي إشراق خوفو (19) وكان ارتفاع الهرم 146م
كما يدل عليه القائم الحديدي اعلي الهرم ولم يستطيع الزمان أن يزيل منها سوي 9م من أعلي
ليصل إلي 137م في الوقت الحالي وتبلغ طول ضلع قاعدة الهرم المربعة في الأصل 230م
أما الآن فان طول ضلع القاعدة 227م نظرا لنزع أحجار الكساء الخارجي الذي كان يغطى الهرم
من الخارج وكان من الحجر الجيري الجيد من محاجر طره حيث تزيد مساحته عن 13 فدان
(54ألف متر مربع). (20)

استخدم في بناء الهرم حوالي 2.300.000حجر ومتوسط وزن الحجر الواحد 2.5طن وقد قيل
إنه إذا صنع من الأحجار مكعبات كان طول كل ضلع منها قدم ثم وضعت جنبا إلي جنب فإن
طولها يغطي ثلثي محيط الكرة الأرضية، ويقل ارتفاع الأحجار كلما ارتفعت في البناء، فارتفاع
أحجار المدماك الأول 1.5م وارتفاع أحجار المدماك الثاني 1.25م ويتراوح ارتفاع معظم
الأحجار بعد ذلك بين 90سم و75 سم وارتفاعها قرب القمة 55سم (21) 

ويقع مدخل الهرم في منتصف الجهة الشمالية منه وهو في المدماك الثالث عشر من الهرم ويرتفع
نحو 20م عن سطح الأرض والمدخل غير مستخدم في الوقت الحالي أما المدخل المستخدم الآن 
فهو فتحة الخليفة المأمون الذي يوجد في المدماك السادس وعبر الممرات الموجودة داخل الهرم
نفسه يوجد ثلاث غرف كبيرة للدفن، حجرة أسفله نحتت في باطن الصخر وهجرت قبل أن ينتهي
العمل فيها، وأخري في باطنه وتسمى خطا باسم غرفة الملكة وهجرت هي الأخرى بعد أن
أوشك العمل بها علي الانتهاء والغرفة الثالثة تقع في نصف الهرم العلوي وقد دفن فيها الملك.
ويبدو أن الهرم شيد علي ثلاث مراحل: في الأول شيد ليكون هرم متوسط الحجم ثم زاد المهندس
المعماري في الحجم مرتين.
وغرفة الدفن الثالثة قد شيدت من أحجار الجرانيت الضخمة وسقفها عبارة عن ألواح من الجرانيت
أيضا ويصل بين غرفة الدفن الثانية والثالثة في قلب الهرم دهليز صاعد يعتبر من الناحية 
المعمارية أية من آيات فن العمارة.(22)
يري المؤرخ هيرودوت (ق5 ق.م) أن المصريين استخدموا آلات من الخشب في رفع الكتل
الحجرية فوق درجات الهرم وأنهم بدءوا البناء في الأجزاء العليا من الهرم ثم انتهوا من البناء
في الأجزاء السفلي.
أما ديودور الصقلي (ق1 ق.م)يقول أن المصريين استخدموا تلالا من الرمل أو من الملح لرفع
الأحجار إلي المستويات العالية من الهرم ثم تخلصوا من تلال الملح بعد انتهاء العمل بتحويل
مياه الفيضان عليها لأذابتها. 
ويتفق معه المؤرخ الروماني بليني (ق1م) في الرأي باستخدام المصريين للملح لكنه أضاف أنهم
بنوا قناطر من اللبن لهذا الغرض.

ويري فلندرز بتري أن المصريون استخدموا المنحدرات في رفع الأحجار وكانوا يرصون
الحجارة مبتدئين من مركز الهرم ومتجهين نحو جوانبه (أي من الداخل إلي الخارج) وإنهم 
بنوا الكسوة من الداخل أيضا.
واتفق ركس انجلباك و سومرز كلارك مع بتري مؤيدين فكرة المنحدر لكنهم أضافوا تعديل إلي 
رأيه أن المصريون كانوا يقيمون ثلاث جسور لمشي العمال حول الهرم وكانوا يبنون أحجار
الكسوة من الخارج وليس من الداخل.
وأيضا اتفق إدواردز مع بتري في فكرة المنحدرات لكنه أضاف نقطتين هما:
- أن المصريون كانوا يبنون منحدرا واحدا للوصول إلي اعلي نقطة في الهرم ولكنهم كانوا يبنون
حول جوانبه الثلاث الأخرى ثلاث مماش للعمال وقد اتفق في ذلك مع انجلباك و كلارك.
- أن بناء أحجار الكسوة (فيما عدا كسوة المدماك السفلى ) كان يتم من خارج الهرم وليس من
الداخل كما قال بتري.
أما سليم حسن فقد أشار إلي استخدام المصريين للمنحدرات ومعرفتهم استخدام البكر نظرا
لعثوره علي بكرتين أثناء حفائره في الجيزة لكن ثبت فيما بعد أن تلك البكرات تعود للعصر
الروماني.(23) 

رسم معمارى يوضح بناء الهرم من الداخل 

وحول الاتجاه إلي الغرض من الشكل الهرمي فان بعض العلماء يرون أنها تطور طبيعي حيث
قدا بدا المصري القديم باستخدام غرفة للدفن بدلا من الحفرة ثم انتقل للمصطبة ثم الهرم المدرج
فالهرم المنحنى أو المنكسر الأضلاع وأخيرا الهرم الكامل في حين يرى فريقا أخر من العلماء أن
الشكل الهرمي له صلة بعقيدة الشمس والتي بدأت في إيونو(هليوبلس- عين شمس) ورمز لها
بعمود علي شكل هرمي ويري أيضا هؤلاء الباحثين أن الملك عندما يدفن في هذا الشكل الهرمي
فانه يدفن تحت رمز الشمس.(24) 
يتجه العديد من الباحثين إلي القول بان المصريين قد استخدموا معرفتهم بعلم الفلك في بناء
الهرم الأكبر حيث شيد الهرم عند خط عرض 30شمالا وذلك عند حافة المستوي الصخري
وليست بأعلى نقطة فيه، كما أن قاعدة الهرم مربعة حيث تواجه جوانب الهرم الأربع
المائلة بزاوية 51 ،52 الجهات الأربعة الأصلية تماما كما أن الممرات المائلة (الدهليز الهابط)
تنطبق علي المستوى الزوالي وربما كان ذلك ليجعلوا مدخل الهرم الذي كان في الناحية
الشمالية متجها نحو النجم القطبي (نجم الشمال).(25)

يذكر هيرودوت أن الأحجار كانت تنقل من محاجر سلسلة التلال الغربية عبر النيل حتى تصل
سلسلة التلال الليبية وكان يشتغل في هذا العمل 100 ألف رجل يستبدلهم الملك كل 3شهور 
واستمر تسخير الشعب 10 سنوات في عمل طريق مرتفع (الطريق الشمالي) لنقل الأحجار
ويرى أن هذا العمل لا يقل مشقة عن بناء الطريق نفسه، ويذكر أن بناء الهرم استغرق 20 سنة 
وانه بني من اعلي لأسفل وقد سجل علي جدرانه كميات الفجل والبصل والثوم التي أكلها العمال
الذين شيدوه وقد شرد إلي أن خوفو عندما انفق ما في خزائنه أرسل ابنته إلي مواخير البغاء لكي
تحصل له علي المال الكافي لإكمال بناء الهرم.(26)


تصميم لطريقة بناء الهرم من الخارج

ظهرت العديد من الخرافات والأقاويل حول الهرم الأكبر منها إن شعب هبط من السماء من
الفضاء وشيدوا الهرم الأكبر وكذلك أكذوبة اليهود بأنهم أصحاب الهرم الأكبر متناسين أن الهرم
شيد عام 2600ق.م بالدولة القديمة وان بني إسرائيل الذين دخلوا مصر في أيام يوسف في أواخر
عهد الدولة الوسطي واستقروا في الدلتا عام 1200ق.م أي أن هناك فارق زمني كبير بين
وجودهم وبين بناء الهرم يصل إلى 1400عام، ولم يكتفوا بذلك بل تحدثوا عن قدرة إشعاعية
فائقة داخل الهرم تؤثر على الإنسان فان دخل رجل أو امرأة سنهم 50عام الهرم ظل ساعة
أو ساعتين فانه عمره يصل 25عام أي يعود لهم الشباب والنضوج.
كما يدعون أن مزامير داود مدفونة تحت الهرم الأكبر رغم أن داود عاش في أواخر أيام
الأسرة الحادية والعشريين وهناك نصوص تدل علي وجود علاقات بين سليمان عليه السلام
وملوك الأسرة الثانية والعشرين.(27)



الخاتمة
فى النهاية شعرت أن مجد الفراعنة كان وراءه عقل بشرى منظم و مبتكر حتى يكون له القدرة على تشييد بناء بهذا الضخامة و بتلك الأمكانيات المعمارية و الفنية و يظهر ذلك من خلال ما توصل إليه من علم و معرفة 

و أهم ما توصلت إليه : 
• مدى سيطرة الملكية الألهية و فكرة البعث و الخلود على الانسان المصرى القديم و التى تظهر واضحة فى بناء الهرم الأكبر بل و منشآت الحضارة المصرية بأسرها دون سخرية من الملوك .
• أن الهرم الأكبر بكل ما شهدنا فيه و سمعنا عنه شهادة على حضارة كاملة فما أثاره من جدل و مابه من عجائب كان سبب فى أن يحب الغرباء حضارتنا المصرية و يعبروا آلاف الأميال من أجل رؤية ما توصل إليه من عظمة و مجد.
• ان المجد لا يتحقق إلا بالعمل الجاد و اقرار النظام و التعاون بين أفراد المجتمع و انتشار السلوكيات و الأخلاق و قد عبر الأدب المصرى القديم عن ذلك و بين لنا كيف كانت تلك الأمور سبب فى قيام دولة عظيمة امتدت لألاف السنين و ظل مجدها و حضارتها خالدة إلى يومنا الحاضر .


هوامش البحث

1 ـ على حسن ، خوفو و هرمه الأكبر ، ص 5: 9 ، دار المعارف ، القاهرة -2000م 
2 ـ سمير أديب ، الجيزة10ـ11 ، مكتبة عين شمس ، القاهرة ،1997م 
3 ـ أحمد أمين سليم .. سوزان عبد اللطيف ـ مصر منذ عصر التأسيس و حتى بداية الدولة الحديثة ، ص 182 ، دار المعرفة الجامعية ـ الاسكندرية - 2000 م 
4 ـ أحمد أمين سليم ، مصر و سورية، ص125 ، الأسكنرية ، دار المعرفة الجامعية ، 1999 
5 ـ الضمير المتصل : هو ضمير الشخص الأول ويحل محل الفاعل و المتبدأ المسبوق بأداه غير مسندة و الأضافة و الملكية و بعد حروف الجر و الظروف 
6 ـ الضمير المتعلق : هو ضمير يعبر عنه ضمير الشخص الثانى و يحل محله المفعول و المبتدأ المؤخر و المبتدأ فى الجملة غير المسندة
7 ـ عبد الحليم نور الدين ، اللغة المصرية القديمة ، ص 255 ، مطبعة فارووس ، الأسكندرية ، الطبعة السادسة ، 2006 
8 ـ عبد العزيز صالح ، حضارة مصر القديمة و أثارها ، ص 304 ، جـ 1، فى الأتجاهات الحضارية العامةحتى أواخر الألف 3 قبل الميلاد، القاهرة ، 1980 
9 ـ على حسن ، المرجع السابق ، ص4 
10 ـ أحمد أمين سليم ، سوزان عبد اللطيف ، المرجع السابق ، ص 183
11 ـ أ0 ج أيفانز ، هيرودوت ، ص103 : 105 ، ترجمة أمين سلامة ، الدار القومية للطباعة و النشر ، الأسكندرية
12 ـ محمد بيومى مهران 00 محمد على سعد الله ، عصور ما قبل التاريخ ، دار المعرفة الجامعية ، الأسكندرية – 2005 ، أنظر كتابات المؤرخين اليونان و الرومان من ص 73 : 90 
13 ـ أحمد أمين سليم ، سوزان عبد اللطيف ، المرجع السابق ، ص 187 
14 ـ سمير أديب ، المرجع السابق ، ص 11 : 13 
15 ـ عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ، ص 106 
16 ـ أحمد أمين سليم ، المرجع السابق، ص 125 
17 ـ أحمد فخرى ، الأهرامات المصرية ، ص 145
18 ـ حسن السعدى ، فى تاريخ مصر فى العصر الفرعونى ، ص 154، جـ1 ـ منذ عصر التأسيس و حتى بداية الدولة الحديثة ، دار المعرفة الجامعية ، الأسكندرية ، 2005 
19 ـ عبد الحليم نور الدين ، المرجع السلبق ، 255 / عبد الواحد عبد السلام ، المدخل إلى علم الأثار المصرية ، ص 128 ، الأسكندرية ، 2005 
20 ـ سيريل ألدير و آخرون ، معجم الحضارة المصرية القديمة ، ص 67 ، دار المعارف ، القاهرة ،2000  
21 ـ محمد أنور شكرى ، العمارة فى مصر القديمة ، ص 197 
22 ـ عبد الواحد عبد السلام ، المرجع السابق ، 129 
23 ـ عبد المنعم عبد الحليم و آخرون ، أوراق مصرية ، طرق بناء الأهرام ص 233 : 235 ، دار المعرفة الجامعية ، الأسكندرية ، 2006 
24 ـ عبد الواحد عبد السلام ، المرجع السابق ، ص 129 
25 ـ أحمد أمين سليم ، سوزان عبد اللطيف ، حضارة مصر القديمة ، ص 363 
مارجريت مارى ، مصر و مجدها الغابر ، ص 358 ، القاهرة 1881 
سيريل ألدريد و آخرون ، المرجع السابق ، ص 67 
26_ علي حسن ، المرجع السابق ، ص 12 .
27_ ا.ج ايفانز ، المرجع السابق ، ص106 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق